وقود الطائرات المستدام.. خبير عالمي ينسف جدواه بـ”3 قنابل يدوية”

وقود-الطائرات-المستدام.-خبير-عالمي-ينسف-جدواه-بـ”3-قنابل-يدوية”

سيعود العالم إلى المربع صفر –على ما يبدو- بشأن جدوى استعمال وقود الطائرات المستدام نتيجة مجموعة عوامل قد تدفع الحكومات والشركات إلى إعادة تقييم الاعتماد عليه في إزالة الانبعاثات الكربونية من قطاع النقل العالمي.

وساق المحلل والمستثمر في قطاع الطاقة المتجددة مايكل ليبرايش 3 أسباب، اسماها مجازًا “قنابل يدوية”، تنسف الجدوى الاقتصادية لوقود الطيران المستدام، أبرزها ارتفاع تكلفة إنتاجه، وهدر الكهرباء النظيفة المستعمَلة في تصنيعه، إلى جانب سوء استعمال غاز ثاني أكسيد الكربون في عملية الإنتاج.

ووقود الطائرات المستدام هو نوع من الوقود الحيوي المصنّع من مواد نباتية، مثل الذرة وزيت الطهي والدهون الحيوانية والنفايات الزراعية، ويُعوَّل عليه بصفته مصدرًا منخفض الانبعاثات في تسريع الحياد الكربوني.

ووفق تقديرات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، يمكن أن يُسهِم وقود الطائرات المستدام بنحو 65% من خفض الانبعاثات التي يستهدفها قطاع الطيران العالمي لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050.

وقود الطيران المستدام

قال مايكل ليبرايش، إنه لم يَعُدْ يستعمل ما يسمى وقود الطيران المستدام المصنع من الهيدروجين الأخضر وثاني أكسيد الكربون الحيوي المحتجز بسبب كلفته المرتفعة ومحدودية خفض الانبعاثات المنطلقة منه، وفق ما أوردته منصة هيدروجين إنسايت (Hydrogen Insight).

وأوضح ليبرايش -وهو مؤسس وحدة أبحاث بلومبرغ نيو إنرجي فاينانس (BloombergNEF) التابعة لشبكة بلومبرغ- أنه لم يعد يؤمن بجدوى وقود الطائرات المستدام، على الرغم من وجوده في الصف “بي” على أحدث نسخة من سلم الهيدروجين؛ ما يضعه بين أهم استعمالات الهيدروجين الأخضر.

وسلم الهيدروجين هو مفهوم اقترحه ليبرايش، ويصنّف المجالات المحتملة التي سيُستعمَل فيها الهيدروجين عالميًا بحلول عام 2035 تقريبًا، استنادًا إلى مجموعة متنوعة من المعايير، بما في ذلك الكفاءة والتكلفة والسلامة والفوائد المشتركة.

المحلل والمستثمر مايكل ليبرايش
المحلل والمستثمر المؤثّر مايكل ليبرايش -الصورة من Emerald Technology Ventures

3 قنابل يدوية

تطرَّق مايكل ليبرايش إلى ما وصفه بـ3 قنابل يدوية تنسف الحجة التي يرتكز عليها وقود الطيران المستدام، وذلك خلال مناقشة متلفزة مع شركة رأس المال الاستثماري إميرالد تكنولوجي فينتشرز (Emerald Technology Ventures)، ومقرّها مدينة زيوريخ السويسرية.

وقال ليبرايش: “بادئ ذي بدء وقود الطائرات المستدام مكلف حقًا، ولذا فإنه عندما تمزج 1% من شيء يكلفك أكثر بواقع يتراوح من 5 إلى 10 أضعاف، مقارنةً بوقود الطائرات التقليدي الذي يَقدِر الجميع على تحمُّل تكاليفه، فهذا هراء”.

وأضاف: “لكن وأنت تزيد تفويض المزيج المذكور، فإنك تبدأ في رفع تكلفة الوقود المستدام، ويبدأ الناس في استشعار ذلك حينما يكونون في إجازة بصحبة أُسَرهم”.

وتابع: “وإذا رفعت تكلفة الوقود كي تحصل على مزيج نسبته 10% بسعر يزيد 5 أضعاف على وقود الطائرات، فإن هذا يرفع تكلفة الوقود بنسبة 50%”، مردفًا: “ومجددًا ستشعر بهذا حينما تصطحب أسرتك في إجازة”.

وأكمل ليبرايش: “وبناءً عليه، فإنني أعتقد أن حجّة وقود الطائرات المستدام ستتصدّع، وتلك هي القنبلة اليدوية الأولى”.

ثم تطرَّق مايكل ليبرايش إلى القنبلة اليدوية الثانية التي هزّت الصورة الذهنية لحجّة وقود الطيران المستدام، قائلًا، إن هذا الوقود سيمثّل هدرًا في الكهرباء المتجددة المُستعمَلة بتصنيعه، في تصريحات تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.

وأوضح ليبرايش: “بمقدورك أن تستعمل تلك الكهرباء عوضًا عن الفحم في مزيج الطاقة، وبمقدورك أن تستعملها في مضخة حرارية، أو حتى يمكنك استعمالها لشحن سيارةٍ كهربائية، وتلك الاستعمالات الـ3 ستخفض الانبعاثات أكثر بواقع 9 مرات، مما إذا حاولت استعمال تلك الكهرباء في تصنيع وقود الطيران المستدام”.

وواصل: “ولذا فإنه إذا كان ثمة ظرف مناخي طارئ حقيقي كالذي نعيشه الآن، فلماذا إذن نصنع وقود الطائرات المستدام؟”

ثم تناول مايكل ليبرايش القنبلة اليدوية الـ3 التي تشوّه آثارها مزاعم الجدوى الاقتصادية المقترنة باستعمال وقود الطيران المستدام، والمتمثلة في حقيقة مفادها أن هذا الوقود لا يمثّل حتى استعمالًا جيدًا لغاز ثاني أكسيد الكربون الملتَقطَ من مصادر عضوية حيوية مثل المخلّفات الزراعية أو المخلّفات الحرجية.

وتساءل ليبرايش: “إذا كان لديك غاز ثاني أكسيد الكربون هذا، فلماذا ترهق نفسك وتشغل بالك بتصنيع الهيدروجين ثم دمجه في وقود، ثم توزيع الوقود على مطار، أو على جميع المطارات؟”.

وأستطرد قائلًا: “لماذا لا تأخذ فقط غاز ثاني أكسيد الكربون المُلتقَط من مصادر عضوية حيوية، وتدفنه، وتخزّنه، وتضعه أسفل بحر الشمال، مثلًا، في حقل غاز مستنفد، وكل ذلك بعُشْر التكلفة؟”.

طائرة تتزوّد بوقود الطائرات المستدام
طائرة تتزوّد بوقود الطائرات المستدام – الصورة من agro-chemistry

دراسة أوابك

تتوافق آراء مايكل ليبرايش بشأن وقود الطائرات المستدام مع نتائج دراسة أوابك “منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول” في سبتمبر/أيلول الماضي، التي سلّطت فيها الضوء على التحديات التي تعرقل فرص تطوير وقود الطيران المستدام.

وخلصت دراسة أوابك، التي حصلت منصة الطاقة المتخصصة على نسخة منها، إلى أن ارتفاع تكلفة تصنيع ذلك الوقود، وانعدام البنية التحتية اللازمة لجميع مراحل إنتاجه، والدعم اللوجستي ذا الصلة، هي أسباب تعرقل التوسع في إنتاجه إلى المستوى المنشود.

وتبرز تكلفة الإنتاج العقبة الرئيسة أمام التوسع باستعمال هذا الوقود في قطاع الطيران العالمي؛ إذ يتراوح السعر من نحو ضعفين إلى 8 أضعاف سعر وقود الطيران التقليدي.

غير أن الدراسة توقعت أن تضيق الفجوة بين تكلفة نوعَي الوقود تدريجيًا مستقبلًا، خصوصًا بعد تطبيق نظام تجارة الانبعاثات.

إلى جانب ذلك، ترتفع التكاليف الاستثمارية لبعض التقنيات المُستعمَلة في إنتاج وقود الطيران المستدام، بنسبة تتراوح ما بين 50% و70% من إجمالي تكاليف الإنتاج، مثل تقنية فيشر-تروبش (Fischer–Tropsch) المُستعمَلة لمعالجة الغازات بهدف إنتاج الوقود.

كما تظهر هناك مخاوف بيئية ناجمة عن استعمال الزيوت النباتية في تصنيع وقود الطائرات المستدام، نتيجة استعمال الأراضي الزراعية لأغراض غير غذائية؛ ما يؤدي بدوره إلى ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية الأخرى.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إقرأ: وقود الطائرات المستدام.. خبير عالمي ينسف جدواه بـ”3 قنابل يدوية” على منصة الطاقة


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *