أطلق مراقبان لإنتاج النفط والغاز في بريطانيا جرس إنذار من تبعات سياسة الطاقة لحزب العمال الحاكم على أمن الطاقة وتلبية الطلب المحلي المتزايد.
ووفق آخر تحديثات القطاع البريطاني لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، جاء “العمال” إلى السلطة حاملًا خطة تدعم الطاقة المتجددة، كما يعتزم زيادة الضرائب المفاجئة وإلغاء إعفاء ضريبي لشركات النفط والغاز وحظر تراخيص التنقيب الجديدة.
وفي ضوء تقديرات تشير إلى تراجع إنتاج النفط والغاز بأسرع من المتوقع، طالبت هيئة “أوفشور إنرجي يو كيه” (Offshore Energies UK) الحكومة بالتراجع عن سياستها لأجل تحفيز الاستثمارات لحلّ الأزمة المتوقعة.
وحذّر مسؤول بالهيئة من أن الإنتاج عند وتيرته الحالية مع ارتفاع الاستهلاك سيخلق فجوة طاقة لن تحلّها سوى واردات الغاز المسال باهظة التكاليف، والعُرضة للتقلبات الجيوسياسية.
إنتاج النفط والغاز في بريطانيا خلال 2024
طالب مدير استخبارات السوق في هيئة أوفشور إنرجي يو كيه، روس دورنان، بتقديم “بعض الدعم” لاستثمارات النفط والغاز المحلية في ميزانية الخريف، المقرر أن تكشفها الحكومة في 30 من أكتوبر/تشرين الأول الجاري (2024).
وتتوقع الهيئة -التي تمثّل صناعة النفط والغاز البحرية في بريطانيا- أن تتراجع استثمارات القطاع بنسبة 80% خلال الـ5 سنوات المقبلة في ضوء السياسات الضريبية الحالية.
ومن المحتمل أن يكون حقل غاز “فيكتوري” (Victory) الذي تطوره شركة النفط متعددة الجنسيات شل في بحر الشمال هو الوحيد الذي يصل إلى قرار الاستثمار النهائي خلال هذا العام.
ولا يلبي الإنتاج المحلي سوى 60% من الطلب، ومن المتوقع أن يبلغ متوسط الإنتاج 85 مليون متر مكعب يوميًا بأقل من العامين الماضيين.
ويبلغ إنتاج الغاز البريطاني حاليًا 90 مليون متر مكعب يوميًا، وخلال أول 8 أشهر من العام الجاري انخفض بنسبة 13% على أساس سنوي، وستستمر تلك الوتيرة خلال العام بأكمله.
وكان من المتوقع أن ينخفض إنتاج الغاز من حوض بحر الشمال البريطاني بنسبة 10% فقط، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة نقلًا عن وكالة بلومبرغ.
كما تراجع إنتاج النفط إلى 660 ألف برميل يوميًا حتى أغسطس/آب، ومن المتوقع أن تبلغ نسبة الانخفاض الكلّية في 2024 نحو 10%.
وإجمالًا، انخفض إنتاج النفط والغاز في بريطانيا منذ بداية العام حتى نهاية أغسطس/آب (2024) بنسبة 11% على أساس سنوي إلى 1.11 مليون برميل يوميًا.
ومن المتوقع أن ينخفض معدل إنتاج النفط والغاز إلى نحو 700 ألف برميل يوميًا بنهاية العقد الجاري في عام 2030، وهو معدل “ربما يكون متفائلًا”، بحسب دورنان.
فجوة طاقة
حذّر مدير الصحة والسلامة والبيئة والعمليات في هيئة أوفشور إنرجي يو كيه، مارك ويلسون، الحكومة من خطر الاعتماد المتزايد على واردات النفط والغاز بأكثر من ذي قبل.
يأتي ذلك في الوقت الذي ما زالت فيه سوق الغاز الأوروبية “حسّاسة” لمخاطر الإمداد وتقلبات الأسعار الحادة جرّاء التوترات الجيوسياسية والانقطاع المفاجئ للإمدادات.
ودعا ويلسون الحكومة، بقيادة اللورد كير ستارمر، إلى الانتباه لاتّساع الفجوة بين إنتاج النفط والغاز والاستهلاك، بحسب نص التقرير المنشور عبر الموقع الإلكتروني للهيئة البريطانية.
ونتيجة لتراجع الاستثمارات، تراجعت أنشطة الحفر بنسبة 60% تقريبًا على مدار الـ10 سنوات الماضية، وهو ما أدى إلى تراجع احتياطيات النفط والغاز.
ولذلك، جدد ويلسون الدعوة للحكومة للاعتراف بالحاجة لزيادة إنتاج النفط والغاز محليًا، وأن تبعث ميزانية الخريف بإشارات لازمة لتحفيز الثقة والاستثمار بالقطاع.
حزب العمال
طالت سياسات حزب العمال تجاه إنتاج النفط والغاز في بريطانيا انتقادات لاذعة وتحذيرات من مخاطرها على أمن الطاقة والاقتصاد وسلسلة التوريد والعاملين.
ويقدّم الحزب دعمًا ماليًا سخيًا لقطاع الطاقة المتجددة ورفع الحظر الفعلي على بناء مزارع الرياح البحرية فور وصوله إلى السلطة، كما يعتزم تقديم موعد توليد 100% من الكهرباء من مصادر نظيفة إلى 2030 من 2035، كما تعهَّد بتبكير موعد حظر بيع سيارات البنزين إلى 2030 أيضًا.
وفي الجولة السادسة من عطاءات العقود مقابل الفروقات، منحت الحكومة مطوري مشروعات الرياح البحرية عقودًا لشراء الكهرباء بسعر أعلى من المتوسط في 2024 الحالي بنحو 30%، وكان سعر الشراء من محطات الرياح البحرية العائمة غير المثبتة بقاع البحر أعلى بنسبة 200%، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
واتّهم رئيس معهد الشؤون الاقتصادية والمسؤول السابق ببنك إنجلترا المركزي نيل ريكورد الحكومة بارتكاب “انتحار اقتصادي“؛ إذ تضمن للمطورين تحقيق أرباح حتى مع توقُّف الإنتاج، من خلال سعر جيد وشراء كل الإنتاج.
على الناحية المقابلة، حذّرت الرئيسة التنفيذية لشركة “نورث سي ميدستريم بارتنرز” (North Sea Midstream Partners)، سايما كوكس، من آثار الحظر المحتمل لتراخيص النفط والغاز في تراجع الإنتاج وتشريد العاملين وتراجع القيمة الاقتصادية للقطاع وضخ استثمارات البنية الأساسية لنقل الغاز والانفاق على المشروعات حتى 2029.
وأكدت كوكس أن الطلب على الغاز “باقٍ” في ضوء استمرار اعتماد 25 مليون منزل عليه للتدفئة، وإذا مضى الحزب في تنفيذ سياساته الضريبية ستضطر البلاد لاستيراد الغاز المسال، بما يحمله ذلك من بصمة كربونية أعلى.
وفي السياق نفسه، حذَّر رئيس جمعية “أوفشور إنرجي يو كيه” ديفيد وايتهاوس والأمين العام لنقابة العمال غاري سميث ورئيس رابطة شركات التنقيب المستقلة روبين ألان من خسارة 400 عامل بقطاع النفط والغاز وظائفَهم في حالة حظر تراخيص التنقيب الجديدة.
موضوعات متعلقة..
- عمال النفط والغاز في بريطانيا مهددون بمستقبل كارثي
- ضرائب النفط والغاز في بريطانيا لن تبطئ الاحتباس الحراري (تقرير)
- زيادة الضرائب على شركات النفط والغاز في بريطانيا تهدد الوظائف والاستثمارات
اقرأ أيضًا..
- سعر الهيدروجين الأخضر تحدده شركة ألمانية برقم صادم
- صادرات الإمارات من الغاز المسال ترتفع 21% في الربع الثالث 2024
- ارتفاع صادرات روسيا من الغاز المسال.. و3 دول أوروبية بقائمة كبار المستوردين
- حقل عصب النفطي في الإمارات.. 3.6 مليار برميل احتياطيات عالية الجودة
إقرأ: إنتاج النفط والغاز في بريطانيا يتراجع.. وتحذير من فجوة طاقة على منصة الطاقة